مانيفيست : جديد : وإن يكن / مانيفيست : جديد : مقاطع عرضية من انشودة لصابر/ مانيفيست : جديد : سفرا 1 / مانيفيست : من حواري المتخيّل معه / مانيفيست : جميع الحقوق محفوظة للمدوّن.

الثلاثاء، 14 يناير 2014

في سيكولوجيّات الاحمر الخائب



 





لقد اخذتني المساحة الفاصلة بين التبسّم والضحك وانا اتصفح الفايسبوك في الساعات الاخيرة، فالوقوف على ستاتوسات بعض جبهويّي النّاصرة وغيرهم من ذوي الحرارة من الرفاق، يجعلنا نسافر بين القصور الذاتي والافراط الامتاعي الاحمرين، امّا تعاملهم مع قضية ابعاد رفاقهم المحرِّضين –ومنذ قديم الزمان- كقضية وطنيّة، هو اشبه بنكتة "السجين الامني" الّذي اتضح انّه مسجون على خلفية "اغتصاب اخت الشرطي " !!!!

 لقد مرّ الكثير -نسبيًّا- منذ الحملة الانتخابية والانتخابات وما بعدها في الناصرة الّتي نحبّ، وكنت من اولئك الّذين فضلّوا السّكوت لاستبعاد الاتهامات بالعُقد العقائديّة، وتوفير نقاش بيزنطيّ يوحد المتناقشين في مستوى الغباء، وتخوّفًا وتنبّهًا على حساسيّة الحالة البنيويّة المركّبة في النّاصرة، حتى في اللحظات التي كان فيها التّهجم على التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ والتّحريض والتّخوين مرتبطًا بشراء "قطر" لكرسي الرئاسة في الناصرة، او مثلا بتحويل النّاصرة الى "سوريا 2 " او  بـ "شَوفنة" حنين زعبي الاعلامية من قبل "نسويّات" جبهويات، او ترشّحها "الواجهة" الذي يتستر على "تحويل" اصواتها الى ناصرتي من قبل "تجمّع العملاء" و "القائمة العائلية"، او قراءة البرنامج الانتخابي باسقاطات "سَيفيّة-زعبيّة"، او "خطأها" في اعتلائها مرمرة وسوء تقديرها "لمصالح –الوسط العربي-"  وغيرها الكثير من الخزعبلات المَرَضيّة، الّتي كنت اظنّ انّي استطيع التنبّأ بمروّجيها وباشكال سهراتهم وقت اختلاقها، وطبعًا كنت على خطأ.. قلت انذاك، العقليّة الانتخابيّة عمومًا سافلة وسافرة ومنحطة ووضيعة؛ هكذا هي العقليّة الانتخابية، فقط الانتخابيّة ! 

والحقّ الحقّ انّي لم انسَ وقتها الماضي غير البعيد، بل تناسيته في الاجواء العنصريّة البطشاء الجبانة، حتى لا اصبّ الزيتَ على النّار وان كان الزيتُ حقا وكانت النّار باطلا. فقسم من الرفاق الجبهويّين الّذين عاملتهم خلال نشاطي الحزبي الشّبابي والطلّابي  تحكمهم العقليّة الحزبيّة المزاودةُ بطبعها، الاستعلائيّة بطرحها، العنجهيّة بفرضها، الوصائيّة بتعاملها، الاقصائيّة بنشاطها، الاصوليّة بتفكيرها، والذاتويّة بمحدوديّتها. وليَ الله ومن يعرفني من رفاقي ومن كلّ التيّارات السياسيّة في جامعة حيفا ان علاقتي حتّى بهؤلاء كانت علاقة جيّدة، لا حظَا بل اتبّاعا لسياسة  النّفس الطويل الّذي قد يجرد هذه الشخصيّات من شوائبها!

لهذا، اقول صدقًا، باني لا استغرب الحاصل في النّاصرة بعد خسارة جبهة النّاصرة للمرّة الاولى منذ ما يزيد عن الثلاثة عقود. هذا الاسلوب نعرفه ونعرف كيف يعمّم ويستنفذ ويصعّد ويجيّش "العواطف الحمراء"" للنفسية الحمراء" خوفا على "الناصرة الحمراء" ! الغريب الوحيد هو ان ترى الجبهةُ تفاعلَ الشّارع النصرواي السيّء  المعمّق للانقسامات والمؤجج للطائفيّة وان تستمر فيما بدأت فيه باعتبارات اكثرَ  بلطجية وتعنّت، وكانّه مثًلا يوم انتخابات اخر في جامعة حيفا. على ما يبدو، فان المنزلقات الخطيرة ونتائجها الفظيعة المتأتية لا تحرّك ساكنًا لدى الجبهتين النصراوية والقطرية، وكأنّ لسان حالهما وخيالمها يقول : لا تجعلونا نيرون الثّاني / او عبرةً مرّتين / او يا لعّيبة يا خربيطة، وغيرها من سلوكيّات الذاتوية التي بتنا نحفظها، وكان اباؤنا قد حفظوها من قبلنا في التقدميّة وابناء البلد وحركة الارض !..

مما يضيّق الافق، هو تحامل الجبهة على ناصرتي واتهامها بالعائليّة او اللا-ادلوجة. والمضحك يكمن في قراءة نقديّة بسيطة لجبهة النّاصرة اليوم، والتي برايي، تحولت الى عائلة من الموظفين الحُمْر،البعدين كل البعد عن الخطاب السياسي الذي تمزّق اصلًأ؛ والتّي توظف الطائفية بشكل رخيص جدا وتحافظ عليه. فالناصرة الحمراء على سبيل المثال لا الحصر لم  ولا تملك برامجا لتلاقي ابناء الاحياء المختلفة ، او لتلاقي الطوائف المختلفة كمثل اخر، بل بوجودها تعزز الانقسام ، وتريد الان تعزيزه بغيابها ! لا اقول هذا دفاعا عن احد، بل دفاعا عن حقّ التجمّع في خياراته الائتلافيّة حين لا وجود لبديل، او حين يكون البديل اسوأ، او حين يكون الخيار بين اسوأ واسوأ ! اولئك اكل عليهم الدهر وشرب بل وعطش، وهؤلاء ليسوا ببعيدين عن ان يكونوا هكذا ايضا. ولذلك اصلًأ، شكّلنا نحن وفقط نحن، القائمة الحقيقيّة في خلق البديل، البديل الحضاري، البديل المدينيّ، البديل ذو الهويّة الجامعة لكل الاحياء والطبقات والفئات والاطياف، البديل العصري، السياسي والنسوي،  فنالنا من التحريض ما نالنا!

اما سلوكيّات الجبهة الان فهي سلوكيّات دور الضحيّة البريء الخائف الراجف من بردٍ "لا ذنب لها في ابتداعه". يطالبون التجمّع ببيان لاستنكار العنف، "اين التجمع؟!" –يصرخون ويُسَتـْـسِتون- (من ستاتوس) ويطالبون حنين زعبي باصدار موقف؛ "اين عضو الكنيسيت النصراويّة ؟!". نحن نعي هذا الدور الملعوب جيّدا، والذي تحاول فيه الجبهة استعطاف الناس بكل قوّتها، من خلال "تقزيم دور التجمّع" في انهاء "الطائفية النصرواية" التي "اتت من الفراغ"، وتحميل مسؤولية الوصول الى هذه الحالة للتجمّع والقائمة الاهلية، لتحالفهما مع قائمة ناصرتي مثلًأ، او تحميله لناصرتي لاعلانها الفائزة في الانتخابات. وهو اسلوب قديم من اساليب الجبهة، والذي بات  من طبائعها السيكولوجيّة للمتفرّج الخارجي، حيث يمكّنها من تجييش وتجميع اطيافها الداخليّة المنقسمة والمختلفة المحتدة حتّى على الفشل والخسارة، من خلال "تعظيم الاعداء" لاستنفار اكبر كمّ ممكن من "الاحمر المتحمّس"  ... ومع هذا، لم يتوان التجمع  لا هنا ولا هناك في واجبه الاخلاقي، فقد اصدر اول من اصدر  بيانا ضد الرسم الكاريكاتيري التحريضي ضد رامز جرايسي، بخلاف الجبهة التي لم نسمع صوتها حين الاعتداء الحيّ على سيارة نائب الرئيس عوني بنّأ. اما النائبة حنين زعبي، فقد كانت قد طلبت ومنذ اسبوعين كاملين عقد جلسة لكل الاطراف لضبط النفس والوصول الى افق حقيقي ولم تتلق ايّ رد الى الان. وبين هذا وذاك، تجد احمرًا يصرّح فيقول : محرّضوون عملاء !!

من الواضح لي  ان الجبهة لا ترى الا من معها، وكما تدرك، هي بالتحديد، دون  غيرها من جبهات القرى والمدن العربية، فانّه ومن الاستحالة (مع الف خطّ تحتها) ان يكون التجمّع النصراويّ في صفّها تحديدًا هي، جبهة الناصرة! فالصراع الجبهويّ التجمعيّ ياخذ اشكالًا غير الاشكال الفكريّة المتعلقّة بموقف التجمع من اليسار الصهيوني الذي ترتمي الجبهة في احضانه، او بموقف الجبهة المناهض لانتخاب المتابعة برلمانا ذا طابع قومي، او موقفها من القائمة العربية المشتركة لانتخابات الكنسيت ومماطلاتها اللانهائية فيها، او اللقاءات السرية مع برافر لاعضاء كنيست عن الجبهة، او اعلان الجبهة في الكنيست عن محاربة المتطرفين  من العرب واليهود ! بل يتعدّى ذلك بكثير ليصبح تخوينيًا مريضًا، في كل انتخابات او موقف قطري عام، وفي تعامل جبهة الناصرة حين كانت في الرئاسة مع اعضاء التجمع في البلدية في السنين الماضية في سياقنا، والتي كانت اجوائها اسوأ من اجواء الجلسلة الاولى لبلدية الناصرة الحالية. واهم ما  لا انساه من سلوكياتهم البغيضة ما حصل  في انتخابات 2009 وحملة التخوين التي كانت قد بدأت منذ وقت طويل لتصبح الحملة المسعورة والحاقدة الاشد على المفكر عزمي بشارة، من اجل استكساب الاصوات و محاولة القضاء على التيار القومي الديمقراطي في الداخل، واتهامه بالعمالة والخيانة وتساوق خطابها مع الخطاب الصهيوني حوله. ثم بعد هذا كلّه ياتيك احمر فرفور ويقول لك : "ول ول ... كل هذا حافظه ... مين الحاقد فينا ؟ مش انت ؟" ولا يخالجني في هذه المواقف فعلا الا الرد البارد الرومانسيّ الهادئ :   “TELL ME MORE ABOUT SPITE, BABY

 الانفلات التحريضيّ على التجمع وعلى د.عزمي بشارة وحنين زعبي وحاليا باسل غطاس -بشكل عام- وعلى عوني بنّا مؤخّرا -بشكل خاص-  لم يبدأ منذ تم تعيين عوني بنا نائبا للرئيس. بل اذكره من عام 2008 منذ التحاقي بجامعة حيفا.  كل ما يخطر ولا يخطر على البال من اساليب الاهانة والتقزيم والتحريض كان يشهّر ضد  قيادات التجمّع القطريّة،  وضد قيادة فرع التجمع الطلابي في جامعة حيفا وغيرها، وعوني من بينهم. في الانتخابات الطلابية، وبعدها ، وقبلها، وفي انتخابات النّقابة، وبعدها وقبلها، وفي فعاليات لجنة الطلاب العرب، وتحالفاتها، وقبلها وبعدها، والقائمة طويلة. كل ما في الامر اليوم، ان الجبهة لم تعد تخجل –كما كانت توحي- بتصرفات ابنائها الصغار في الجامعات ومجالس الطلبة البلديّة والقطرية والمظاهرات الموحّدة، بل تبنّتها كحزب وعلى الملأ في الناصرة! ولم تنتهِ حملة التحريض بالتحريض، بل استمرّت بكثير من السّخافة في تحميل المسؤولية لعوني بنا بابعاد الشّباب المحرّضين. اي بمعنى "كمان ضاربني وكمان هاتت عليّ"..

في هذه الاوضاع، والتي تغلب عليها استطرادات الاحمر الخائب وتتعدّي هلوسات بطلجية، او سيناريوهات جاحظيّة، تتصعّد  يومًا بعد يوم اكثر فاكثر، لا طرق سحريّة نقترحها لحل الازمة في الناصرة، ولا اعني بالازمة النتيجة النهائيّة للانتخابات، مهما كان شكلها: باللجوء للمحاكم، باعادة الانتخابات او بالبلطجة والعربدة المعهودة هناك...بل اعني المسار الاخلاقي طويل الامد، الذي يحتاجه جيل في الناصرة كي  يولد ولا يعلق في الاوساخ التي اخرجتها هذه الانتخابات من تحت السجاد، وكان قد اخفاها من اخفاها طيلة هذه السنين.


ليست هناك تعليقات: